هذه 4 أمور فارقة في وصف بيئتك بالإبداع التعاوني

تسابقت الشركات في السنوات الأخيرة إلى تبنّي شعارات براقة مثل “التعاون”، “روح الفريق”، و”الذكاء الجماعي”، معتبرة أن جمع العقول في قاعة واحدة كفيل بإنتاج إبداع لا ينضب. لكن خلف هذه الصورة الوردية، يختبئ ما يمكن تسميته بـ الذكاء الاجتماعي الزائف؛ حالة تتوهم فيها المؤسسات أنها تعيش قمة الإبداع التعاوني بينما هي في الواقع عالقة في دوامة المجاملات والتكرار.

الوجه الخفي للتعاون

عندما تتحول الاجتماعات إلى مسرح لعرض الولاء بدلاً من اختبار الأفكار، أو عندما يغلب صوت “الأكثر قبولًا اجتماعيًا” على صوت “الأكثر ابتكارًا”، فإن المؤسسة تكون قد وقعت في فخ الذكاء الاجتماعي الزائف. هنا يُطمس الاختلاف، وتُخفى الجرأة الفكرية تحت غطاء الانسجام الظاهري. النتيجة: أفكار متوسطة المستوى، تبدو جميلة على الورق لكنها عاجزة عن إحداث التغيير الفعلي.

منظور الاستشارات الإدارية: من كشف الوهم إلى إعادة البناء

الاستشارات الإدارية، بخبرتها العملية، قادرة على مساعدة المؤسسات على تمييز التعاون الحقيقي من الوهمي عبر:

  • تشخيص الثقافة المؤسسية: هل تُكافأ الأصوات المغايرة أم يُعاقب أصحابها بالصمت؟
  • تصميم آليات نقاش متوازنة: أدوات عملية مثل “قواعد ديبونو للقبعات الست” أو “المجموعات الموازية” التي تفصل بين التفكير النقدي والإبداعي.
  • إدارة التباين بوعي: تحويل الخلافات إلى طاقة بنّاءة بدلًا من التوتر أو الإقصاء.
  • قياس المخرجات: ربط جلسات التعاون بمؤشرات أداء حقيقية تكشف مدى تحوّل الأفكار إلى نتائج ملموسة.

هل التعاون دائمًا هو الحل؟

الخبرة الاستشارية تُظهر أن الإبداع ليس نتاج “التعاون المستمر” فحسب، بل أيضًا ثمرة العزلة الذكية. فبعض الأفكار العميقة تُولد في لحظة تأمل فردي، ثم تُصقل لاحقًا عبر التفاعل الجماعي. الخطر يكمن حين تجعل المؤسسات من التعاون قيمة مطلقة، فتُهمل المساحات الفردية التي تُغذي التجديد الحقيقي.

نحو ذكاء اجتماعي أصيل

التعاون الحقيقي ليس في ترديد الشعارات أو ملء الجدران برسوم ملهمة، بل في بناء بيئة تُوازن بين الجرأة والانسجام، بين الصوت الفردي وروح الجماعة. الذكاء الاجتماعي الأصيل يتجسد في قدرة المؤسسة على احتضان التباين، وتحويله إلى وقود للإبداع بدلًا من قناع يخفي الجمود.

 

قد يخدع الذكاء الاجتماعي الزائف المؤسسات ببريقه، لكنه سرعان ما يكشف عن فراغه عند مواجهة التحديات. هنا يأتي دور الاستشارات الإدارية كمرشد أمين يذكّر بأن الإبداع التعاوني ليس وهجًا اجتماعيًا، بل عملية إدارية واعية تتطلب تصميمًا دقيقًا، متابعة مستمرة، وشجاعة في مواجهة الحقيقة. فالتعاون الحقيقي لا يجمّل الواقع، بل يغيّره.