هل شعرت يوماً أن الضغط يصيبك بالشلل بدل دفعك نحو الإنجاز؟ هل تعتقد أن محاولة تحقيق الكمال تساعدك في التفوق؟ هناك حقيقة تعاكس هذه الفكرة: الكمالية قد تكون أكبر عدو لك في أوقات الضغط، خاصة إذا كنت مديرا تنفيذيا يسعى لتحقيق نتائج ملموسة تحت ظروف معقدة.
لماذا نميل للكمالية عندما نكون تحت الضغط؟
عندما تتصاعد الضغوط، يميل معظمنا إلى البحث عن الأمان بالتحكم الكامل في كل التفاصيل. هنا، يولد السعي للكمال كآلية دفاعية لا إرادية. لكن، هل يدرك الجميع أن هذا السلوك قد يعوق التقدم بدلاً من تسريعه؟ السيطرة على كل خطوة قد تبدو ضرورية، لكنها تحبس القدرات على الابتكار واتخاذ القرارات السريعة المطلوبة في بيئة العمل المتغيرة.
لماذا يشعر المدير التنفيذي بأنه مطالب بالأداء الكامل دائمًا؟
تأثير القرارات على مسار الشركة، وترقّب المساهمين، وطموح الفرق كلها عوامل تضغط على القائد، وتخلق لديه تساؤلات مستمرة:
- هل يضعف موقفي القيادي إذا ظهرت نقطة ضعف؟
- هل يفقد الفريق ثقته إذا تراجعت جودة الأداء في لحظة ضغط؟
هذه الأسئلة متوقعة، لكنها مبنية على تصور مضلل:
القادة الأكثر تأثيرًا ليسوا من يظهرون بصورة مثالية، بل من يعرفون متى يحتاج الموقف إلى الكمال، ومتى يكفي الأداء العملي المرن.
عندما تتحول الكمالية من قوة إلى عبء
الكمالية بحد ذاتها ليست دائمًا مشكلة؛ فهي قد تعزز جودة العمل وتحسنه.
لكن تحت الضغط، يمكن أن تنقلب إلى:
- إجهاد ذهني يمنع التفكير الاستراتيجي.
- بطء في اتخاذ القرارات خوفا من الأخطاء.
- ميكرو- إدارة تقلل من استقلالية الفريق
- احتراق وظيفي ينعكس على البيئة المحيطة
هل تُحسّن الكمالية قراراتك أم تؤخرها؟
الواقع أن القرارات الحرجة تحتاج تدقيقًا عاليًا، لكن أغلب القرارات اليومية تتطلب سرعة ومرونة أكثر من حاجتها للكمال.
هل الكمال يعني الموثوقية؟
أحد أكثر الالتباسات شيوعًا هو الخلط بين الكمال والموثوقية.
كثير من القادة يشعرون أنهم إن لم يقدموا أفضل أداء دائمًا فسوف يُنظر إليهم كغير جديرين بالثقة.
لكن الموثوقية الحقيقية تُبنى على الثبات، لا على الكمال.
القائد الموثوق هو من:
- يتواصل بوضوح.
- يعترف بالخطأ ويعدّل مساره عند الحاجة.
- يحافظ على سلوك متزن وثابت.
- يتّخذ قرارات متدرجة بدلًا من المجازفة بالكمال في كل مرة.
كيف يكسر المدير التنفيذي دائرة الكمالية الضاغطة؟
1) تحديد مستويات الجودة المطلوبة لكل نوع من القرارات
ليس كل قرار يحتاج 100%.
التقسيم الفعّال قد يكون:
- قرارات استراتيجية: تحتاج دقة عالية
- قرارات تشغيلية: تحتاج توازنا بين الجودة والسرعة
- قرارات بسيطة: يكفي فيها 60–70% من الجهد
2) تجربة النسخة الأصغر الممكنة
بدل انتظار الشكل المثالي، يمكن اختبار أصغر نموذج يقلل المخاطر ويتيح التطور خطوة بخطوة.
3) صناعة ثقافة تسمح بالخطأ المحسوب
الفريق الذي يخشى الخطأ لا يبتكر.
والقائد الذي يخشى الخطأ لا يتحرك.
البيئة الصحية تتقبّل التعلم السريع بدل التوقع غير الواقعي للكمال.
سؤال يعيد تشكيل أسلوب قيادتك
هل أسعى للكمال من أجل جودة العمل أم من أجل الحفاظ على صورة القائد الذي لا يخطئ؟
الإجابة الصادقة على هذا السؤال قد تكون نقطة الانطلاق نحو قيادة أكثر، واقعية، ومرونة، وتأثير.
أسطورة الأداء الكامل تبدو مغرية، لكنها ليست معيارًا صحيًّا أو عمليًّا للقيادة.
والمديرون الذين يدركون حدود الكمالية تحت الضغط، ويعرفون كيف يوازنون بين الجودة والمرونة، هم الذين يصنعون إنجازات مستدامة لا مجرد نجاحات لحظية.
